Friday, December 25, 2015

الفصل السابع: في غمار الاحداث السياسية

 نهاية الثورة السورية، عام ولادتي 1928

انتقاماً لمؤامرة الجنرال غورو وكارثة ميسلون اندلعت الثورات الشعبية في كل أنحاء سوريا، وتحت ضربات قوات الثورة وعنف المقاومة سنة 1925، اضطرت السلطة الفرنسية المحتلة للاستجابة لمطالب الشعب بإجراء انتخابات عامة في نيسان 1928 وإنشاء المجلس التأسيسي الذي انعقد في حزيران 1928، وقام بوضع دستور للبلاد، فضلا عن إصدار القرارات التي تم بموجبها العفو عن المبعدين وإلغاء الأحكام العرفية.
  تشكلت حكومة برئاسة الشيخ تاج الدين الحسني، جعلت من أولى مهامها القيام بإجراء انتخابات مجلس تأسيسي يقوم هو الآخر بإعداد وإصدار الدستور الذي يجب أن تحكم البلادعلى أساسه. في الثامن والعشرين من أيار عام 1930،
عقد المجلس جلسته الأولى بتاريخ 7 / 6/ 1932  قي البناء الجديد (دار البرلمان)وباشر بانتخاب السيد محمد علي العابد رئيسا للجمهورية،.
بتاريخ 1 / 3 / 1936 تشكلت وزارة انتقالية برئاسة السيد عطا الأيوبي مهمتها تعيين الوفد المفاوض لوضع المعاهدة، والدعوة لإجراء انتخابات نيابية في البلاد، وبالفعل فقد سافر الوفد السوري إلى باريس وعاد بعد ستة أشهر إلى البلاد مع المعاهدة لتصديقها من قبل مجلس النواب السوري.
.(وبلغ عدد سكان سورية في تلك الآونة 2520000 نسمة تقريبا).وخلال الأعوام 1939 الى العام 1945 كانت سورية تعاني ويلات الحرب العالمية الثانية..كما كانت تناضل لتحقيق الجلاء الفرنسي وممارسة حياة سياسية حرة.
  جرت انتخابات تشريعية خلال صيف 1943، نجح فيها معظم المرشحين الوطنيين وتشكل مجلس نيابي عقد جلسته الأولى من دورته الاستثنائية يوم السابع عشر من آب 1943 وقد جرى في هذه الجلسة انتخاب رئيس الجمهورية، فاز السيد شكري القوتلي لهذا المنصب ولمدة خمس سنوا ت

العدوان على البرلمان

في 29 أيار 1945، خرج ضابط فرنسي وتقدم من الضابط الدركي السوري القائم على رأس حامية المجلس والمؤلفة من بضع وثلاثين دركيا، بالإضافة إلى رجال شرطة مخفر المجلس والبالغ عددهم ستة ومفوض. وأبلغه أنه عند الساعة السادسة وخمسين دقيقة عندما ينفخ في البوق لإنزال العلم الفرنسي عن دائرة الأركان، يجب على جنوده جميعا أن يقفوا ويؤدوا التحية للعلم .وفي الساعة السادسة وخمسين دقيقة نفخ في البوق وأنزل العلم الفرنسي من دائرة الأركان وفقا للعادة الجارية كل يوم، فلم يؤدّ حرس المجلس التحية للعلم الفرنسي، وعند ذلك انهمر الرصاص من دائرة الأركان بشدة على حامية المجلس وكانت تلك الشرارة والعلامة المتفق عليها، إذ انهمرت النيران من كل الأماكن التي تتواجد بها قوات فرنسية وبالمدفعية الثقيلة والعربات المصفحة والدبابات على جميع دمشق والمارة في الشوارع، وتم قصف بناء المجلس بالمدافع، وداهمت القوات المعتدية باختراق أبواب المجلس لتحطيم عمارة المبنى الداخلية والزخارف الرائعة والأثاث.وقتل جميع حامية المجلس.          

عيد الجلاء

أمام هذه الجريمة تقدمت سورية بطلب إلى مجلس الأمن تطالب فيه بجلاء القوات الفرنسية عن أراضيها، فأصدر المجلس قراره بذلك يوم 15/نيسان 1946 ، بعد احتلال دام أكثر من ربع قرن من الكفاح المرير والنضال الدامي ضد الاحتلال الفرنسي . تحقق الانتصار العظيم وتم الجلاء في 17 نيسان 1947وانتصر الشعب العربي في سوريا، وبدأ عهد الحرية وزمن السيادة الوطنية وعادت الحياة النيابية إلى البلاد لتساير نضال الشعب في بناء المؤسسات الوطنية
اتصفت الفترة الواقعة ما بين أول انقلاب عسكري في سوريا في الثلاثين من آذار عام 1949 حتى قيام الوحدة بين سوريا ومصر عام 1958، بأنها فترة قلقة تجاذبت البلاد خلالها خمسة انقلابات عسكرية.


الوحدة مع مصر

بعدالتوقيع على ميثاق للدفاع السوري المصري 20/11/1955، ووقوف سورية إلى جانب مصر في أثناء تعرضها للعدوان الثلاثي 1956.بودلت الوفود بين دمشق والقاهرة خلال عام 1957 وبدايات عام 1958 لبحث موضوع إقامة وحدة فورية اندماجية مع مصر, وفام المجلس النيابي الجديد والذي دام ما يقارب الثلاث سنوات، بإقرارالوحدة بين القطرين الشقيقين سوريا ومصر، والتي أعلنت في شهر شباط 1958. وكانت الوحدة تلك تتويجاً لنضالات أبناء هذه الأمة المخلصين، وبداية ثمرة جهودهم في سبيل إقامة الوحدة العربية الشاملة،وخرجت إلى النور أول تجربة وحدوية عربية جدية في القرن العشرين.. وقد قوبل إعلان الدولة الجديدة بابتهاج شديد من قبل الشعب السوري لم تعرفه من قبل هذه البلاد.
وتم استفتاء بانتخاب جمال عبد الناصر رئيساً للجمهورية العربية المتحدة.

وعلى الرغم من قصر مدة الوحدة ، فإن الجمهورية العربية المتحدة  أحيت الأمل في النفوس لامتلاك زمام المبادرة، وأيقظت في الأمة إحساسها بالقدرة على استعادة دورها الحضاري والتاريخي، وتعامل معها السوريون على أنها الخطوة الأولى باتجاه الوحدة العربية الكبرى من أجل القضاء على التخلف وواقع التجزئة،  بيد أن القوى الاستعمارية التي وجدت في الوحدة خطراً يهدد مصالحها لجأت إلى التآمر مع بعض الأنظمة العربية المرتبطة بها, وقادت حركة الانفصال في 28 ايلول 1961.

لم تهدأ الأحوال بإقالة وإبعاد من كان له دور في عملية الانفصال. فعلى خلفية اعتقال بعض الضباط الوحدويين، خرجت المظاهرات مرة ثانية في مدن الشمال وفي الوقت نفسه كان الصراع قد بلغ مداه بين المتنافسين على الحكم مما أدى إلى أزمات وزارية متتالية؛ وأُعلن عن تشكيل مجلس وطني لقيادة الثورة ضم جميع العناصر الوحدوية، ترأسه الفريق لؤي الأتاسي على أمل إعادة الوحدة، ولكن هذه المرة ما بين مصر وسورية والعراق، غير أن الجدل الذي أسفر عن محادثات نيسان عمق الخلاف ما بين الرؤى البعثية والناصرية حول مسألة الوحدة، وآلت الأمور إلى تولي حزب البعث العربي الاشتراكي مقاليد السلطة وإعادة تشكيل مجلس وطني جديد وشهدت البلاد صراعاً حاداً في صفوف الحزب، وظلت الخلافات تتفاقم حتى قام الرئيس الراحل حافظ الأسد، وزير الدفاع آنذاك، بوضع حد لها حين قاد الحركة التصحيحية في 16 تشرين الثاني عام 1970. وفي 21 تشرين الثاني صار رئيساً للوزراء، ثم انتخب رئيساً للجمهورية في 12 آذار عام 1971، واستطاع في سنوات قيادته التغلب على الأوضاع الصعبة .

بعد وفاة الرئيس حافظ الأسد في 10/6/2000، تم اختيار الدكتور بشار الأسد لمنصب رئيس الجمهورية بتوصية من القيادة القطرية لحزب البعث، وأُقرت تلك التوصية من قبل مجلس الشعب في جلسته التي عقدت بتاريخ 10/7/2000، ثم جرى بعدها استفتاء شعبي عام تم فيه انتخابه رئيساً للجمهورية يوم 17/7/2000  . وفي حزيران 2014 أعيد امنخابه للمرة الثالثة والبلاد في غمرة الاعصار .

في الخدمة العسكرية والحياة السياسية

الدورة السابعة

في العام 1956دعيت لأداء الخدمة العسكرية الدورة السابعة. في حمص أولاً ثمّ في حلب ثكنة ابراهيم باشا , ومدير الدورة العقيد غسان جديد, وكان من الرفاق علي أسعد (الشاعر أدونيس) ونبيه العاقل (عميد كلية الآداب) وعادل صدقي (المستشار)وعصام العظمة (مديرالبنك العربي في جنيف) وجميل عبيد (معاون وزير),  وكنت في البداية شديد الحماسة لأداء هذا الواجب الوطني. ولكني لم أتردد في نقد بعض المدربين الضباط لسلوكهم التعسفي الفظ شاركني في ذلك مجند صديق هو عبد الحميد خدام ( نائب رئيس الجمهورية ). ولقد أيدنا مدرب مثقف هو الملازم الأول أحمد دباس (أصبح أميناً عاماً في وزارة التموين).


خلال فترات الراحة انصرفت إلى ممارسة الفن التشكيلي (الرسم والنحت) وإلى ممارسة النقد الفني , وكتابة القصة القصيرة قي مجلة الآداب اللبنانية التي يرأسها يوسف إدريس.منها قصة الخبز والنسيان . وجهي المعفر بتراب الوطن. وقمت بترجمة كتاب الغثيان لجان  بول سارتر . وكتاب فانسان فان غوغ  للكاتب إيرفنغ ستون .
بعد تخرجي من كلية الاحتياط برتية ملازم عينت معاون مدير مدرسة الإشارة ,ومقرها خلف بناء كلية الحقوق , وكان المدير الملازم الاول طارق الأتاسي وقائد سلاح الإشارة العقيد طارق الكيلاني . وفي هذه المدرسة أمضيت خدمتي العسكرية التي امتدت خلال عامين ونصف.ثمّ دعيت لدورات إحتياطية برتب أعلى.

السياسة وخطيئة الانفصال
 توالت الأحداث السياسية في القطر سريعاً، فلقد قام لفيف من العسكريين بإنهاء عهد الوحدة مع مصر، وكان وقع ذلك شديداً علينا، وفي مقال رئيسي كتبت في جريدة الوحدة صفحة كاملة تحت عنوان "المسؤوليات الكبرى " 8\5\1962، تحدثت فيه عن الخسارة الكبيرة التي أصابت الأماني العربية، وأشرت مديناً الانفصاليين، الذين اعتقلوني رغم صداقتي مع بعضهم.
واستشرى الصحفيون الانفصاليون في الحملة على الوحدويين وكنت منهم، مما دفعني إلى مغادرة البلاد إلى باريس بحجة إتمام دراستي.
اعترف أنني  مارست السياسة من خلال الانتماء للعقيدة القومية وكتبت مقالات في جريدة البعث برئاسة تحرير صلاح الدين البيطار. وانساق صديقي مطاع في العمل السياسي ,فعانى الاغتراب في باريس وبيروت متابعاً موهبته في الكتابة الفلسفية من خلال مجلاته ومؤلفاته 

 في حرب التحرير
في السادس من تشرين الأول عام 1973 قامت حرب تحريرية ضد العدو الإسرائيلي وكانت حرباً ظافرة بمعايير متعددة. وكانت سعادتي بالغة أن أدعى للمشاركة في هذه الحرب بوصفي ضابطاً احتياطياً برتبة ملازم أول. وعلى مكتبي آثار شظية جعلتها تمثالاً وذكرى لصاروخ إسرائيلي سقط ليس بعيداً عن كتيبتي التي كنت أقودها، وكاد أن يفتت كياني لولا أنني ارتميت خلف حاجز ترابي.
ومن الجبهة كتبت في جريدة الثورة  «أخبار عن المقاتلين في الجبهة موجهة إلى القلقين عليهم»ت2\1973، عبرت فيها عن المعنويات العالية والصمود والتضامن الذي اتسم به الجندي السوري. وبعد انتهاء الحرب والدخول في حرب الاستنزاف كتبت تحت عنوان «معركة واحدة وعشر انتصارات» دراسة موسعة موضوعية بينت فيها نتائج هذه المعركة استناداً إلى الوثائق والانتصارات التي حققتها هذه الحرب التحريرية بدم المقاتلين والشهداء .

دمُ الشهيد قطرةٌ قد خضَّبت        بلونها  أبيات   ديوان  جديدْ
كتابةٌ مدموغة  بأشرف  ال     أحبارقد صارت قصيداً أونشيدْ 
صارت لأجيال تباهت عالياً     رسالةً    ووحدةً ,   إرثاً سديدْ
من ديوان "أناشيد للوطن

العصر الصعب
في حوارية مع عبد الله أبوهيف في جريدة الشرق الأوسط الصادرة في لندن قلت:
ولد الإنسان حراً  ملتزماً حماية حقوقه على الرغم من الطغيان السياسي  . إن عصر الظلم الذي يعيشه الإنسان العربي هو المناخ الذي نما فيه الشر والإرهاب والاستعباد، كما نما فيه شبح العقاب الجائر والمكافح لمناخ الحرية الذي عم الأرض العربية من المحيط إلى الخليج , هذا العقاب الذي تمارسه اليوم دولة قطبية وليس هيئة دولية عالمية.

مجموعات من القصائد نشرتها ً تحمل معاني الاحباط  والغربة في العصرالصعب
.
خوفٌ رهيبٌ يحتوي  أحلامنا  اليتيمهْ
كل القوانين اختفت     في  قبوة ذليله
حتى عيوني قد بدت في  كهفها غريبه
تلوّثٌ      وعاهة      ظلالها    كثيفه
أمشي بليداً    تائهاً  في حارة الفضيله
كل الموازين انطوت في سلة الرزيله
غريبة مسيرتي        في هذه المدينه
حتى ظلال غربتي غريبة     غريبه
من ديوان " أناشيد للوطن "
  
ما زالت منظومة الاغتراب تحيط المثقف العربي  قبل أن تصيب الإنسان العادي. فالخوف والرعب من كابوس الاستعمار والعولمة وأطماع إسرائيل وعدوانيتها , ومن هيمنة القوى المدمرة بسلاحها ومبادئها , تبقى أكثر تأثيراً على المثقف من الانسان العادي الذي أصيب بالشلل الذي دفعه إلى الخنوع والتبعية والتزلف والفساد الوجداني، وأصبح  مع الأسف الضحية الأولى للإرهاب،.

تجمدت في قبوةٍ     حريةٌ          كانت مناراً   للخروج   من قتامْ
لم يبق من سفر الحقوق غير ذكـــــرى من خطابٍ, أو ظلالٍ كالمنامْ
ومات قول قائلٍ   في أمةٍ             ومذ متى يُستعبدُ الطفل الفطامْ
وقد وُلدنا من نساءٍ أمهاتٍ            أرضعت وليدها     حرَّ الكلامْ
وأطلقت أحرارها في الفضا          ءِ   والهواءِ والضيا مع الغمامْ
من ديوان "أغنيات حالمة "

No comments:

Post a Comment

Note: Only a member of this blog may post a comment.