في شارع
الروضة
" أمام مرآة عطائه كنت أحاوره بهدوء ، وظل
صامتاً ، ثم لم يلبث أن خرج من المرآة ليدخل بيته في شارع الروضة قريبا منً مبنى وزارة الثقافة حيث كان
مديراً للفنون الجميلة ، في بيته حيث مكتبه ومكتبته ، وحيث أقلامه وريشه ومؤلفاته
ولوحاته ، ولكنه كعادته ، لم يكن متلهفاً للكتابة بقدر لهفته لأولاده ،إياد وأنس
ويولا وكنان وعمر , وعلى رأسهم زوجته المصورة التشكيلية ميسون وكان عليه أن يترك المجال واسعاً لزوجته لكي تأخذ حقها في ممارسة اختصاصها الذي تفوقت
فيه منذ أن كانت طالبة في كلية الفنون الجميلة بدمشق
ومارست التصوير مشاركة في أكثر المعارض الفنية , كما مارست التدريس الفني.
لقد كان
أباً قبل أن يكون باحثاً أو أديباً أو فناناً، وأولاده الأربعة وبنته الوحيدة هم
عالمه ومستقبله وهمه، وليس من حقي أن أنكر عاطفة أي أب نحو أولاده، ولكني لن أنسى
رعايته اليومية بمتابعة دراستهم وتشجيعهم وبمراقبة سلوكهم ضمن حدود الحرية والثقة
والحب, حتى حصلوا على
أعلى مراتب المعرفة الاختصاصية والألقاب الجامعية.
و ليس من اعتزاز يتمتع به الأهل أغنى من اعتزازهم بوصول الابناء إياد وأنس ويولا
وكنان وعمر, إلى أعلى مستويات العلم و المعرفة .بدراستهم في الجامعات الامريكية,
مما أكسبهم اتقان لغة عالمية , وحصولهم على درجة الدكتوراه من جامعات أمريكا , حيث
اختص إياد بالإتصالات من جامعة كليفورنيا لوس أنجلوس ,واختص أنس بالصناعة الدوائية
من جامعة ماساتشوسيت للصيدلة في بوسطن , واختص كنان بنظم المعلومات الإدارية من
جامعة نور إيسترن في بوسطن.واختص عمر بعلوم الحاسوب من معهد كوينزي والجامعة
الأمريكية في دبي , واختصت يولا باللغة الانكليزية من جامعة دمشق. "
وأنا أشهد بأن حب الأبناء وتقديرهم لأبيهم كان انعكاساً لهذه الرعاية
وهذا الحب الصادق , وأعرف أن الأب القدوة يساعد أبناءه على رسم مستقبلهم وتحقيقه.,
وتزوج إياد من هادية الترك وأنجبا
آية وعفيف وسدرة .ثم تزوج انس من ديانا زيدان وأنجبا جود وجوليا .وكانت يولا قد
تزوجت من الدكتور غسان الطويل ولها بنتان تالا ويارا . وتزوج عمر من تارا عزيز.
". ودخلت آية وتالا الجامعة الأمريكية في بيروت
لملمتُ أطراف القصيد كي أكون
قادراً على الكلام واثقاً من ورْقتي وريشتي
سكبتُ من عيني دموعاً صِغتها رسالة ً كتبتها
مسترسلاُ معبّراً عن وحشتي
بدأتها منادياً بجملة "إبني
الحبيبْ " صورت فيها خفْقتي,
رسمتها بريشتي
أحسست أنَّي حاضنٌ هذا الذي ناديته
ُ أو
حاملٌ على يميني مهجتي أو فلذتي
" إبني الحبيب" لم تعد
عبارةً قولاً يقال بل دعوة ًمن
الفؤاد, خفقتي من نبضتي
أوفدتهم , وكان قلبي راعشاً من فرقة ٍ قد باعدتْ
روحي التي أودعتها صبابتي
وعدت نفسي باللقاء ظافراً
بنصرهم ناشدت ساعاتِ
اللقاءِ أن تدوم نشوتي
من ديوان أبيات على جبهة الجبين
أعود للحديث عن أولادي . كان إياد رفيقي في
الأيام الأولى من حياتي الصعبة وما زال إبناًورفيقاً مما أغناني عن الرفاق. تحملت غيابه
الطويل في أمريكا يتابع دراسته العالية بهمة ونجاح. وسعدت بزواجه الناجح وبذريته
الجميلة الذكية ,وبعمله المثمروسمعته البارقة .
وأفخر بطموح أنس العلمي ونجاحه في عمله
التدريسي والبحثي.ما زال قريباً مني متابعاً انتاجي وكتاباتي ,محققا سمعة أكاديمية عالية .لقد كان عوناً
لإخوته في متابعة دراستهم في الولايات المتحدة .
لقد أسهم كنان في دفءحياتنا الموحشة , عاش
معنا متابعاً سعيه المستمر ليكون مواطناً أممياً ناجحاً ,معتمداً على البحث
والدراسة والتدريس في مهامه كخبير دولي في المنظمات العالمية.
أما عمر فلقد غاب زمناً طويلاًيتابع تحصيله
العالي وتنظيم عمله المتميز وزواجه الدافئ السعيد. نزوره نادراً ونشتاق له دائماً.
وللحبيبة
يولا منزلة خاصة لحنانها وحرصها على اسعادنا.إليها أسجل هذه الرسالة.
مازات أتابع تنامي إبداعاتك منذ أن كنت يافعة في صفوف الدراسة الأساسية ,
يوم لمست إهتمامك المبكر بالفلسفة والشعر والتاريخ , و لم أسع لتحديد خياراتك , إذ وجدت فيك المثقفة الشاملة .لقد اكتشفت موهبتك
الموسيقية غناءً وعزفاً , و تأكدت من
اهتمامك بالشعر حفظاُ ونظماً , وكان نشر ديوانك الشعري الأول " إلاّ معي " باكورة إبداعك الشعري
.
لقد حقق عملكِ عن نزارقباني نجاحاً باهراُ ,
وأحرز أعلى الجوائز والتقدير .مما حفزك لمتابعة كتابة نصوص تلفزيونية .وأهم ما
شدّني من انتاجك كتابك الأخير " على ضفاف العبقريات." لقد أردتِه مرفأ
أولاً للكلام عن تجارب راهنة وصلت بنجاحها إلى أبعد حدود الإعجاب والتقدير.
.
زوجتي
ميسون
تعرفت
في الصف الرابع في كلية الفتون على
الطالبة ميسون الجزائري وكانت متفوقة تخرجت بدرجة الامتياز وعينت معلمة للفنون
,خطبتها بواسطة خالتي هدية .
وتزوجنا
بتاريخ27 \7\1972وكان شهر العسل في بولونيا . وكانت ملهمتي وخير مربية لأولادي .سندتها في متابعة انتاجها
التشكيلي , فأنجزت عشرات الأعمال التصويرية , وشاركت في المعارض السنوية والدولية
,وأقامت لها وزارة الثقافة معرضاً فردياً في دمشق بحضور وزيرة الثقافة الدكتورة
نجاح العطار .
واقتنت
المتاحف أعمالها , أهمها لوحة ضخمة معروضة في نصب الجندي المجهول
اليها
أزف هذه الهمسات
الدافئة
أيتها الميسون التي
حملت بين جنبيها الربيع والعطر والأمل .
إليك أهدي دفقات من الحب محمولة على أجنحة العشق الأبدية.
أيتها الفراشة البيضاء الناصعة , هل تذكرين يوماً صنعنا
فيه معاً
أنا وأنت
قدراً يمتد بنا حتى ما بعد الدهر؟....
هل تذكرين همسة فاحت من فؤادي يوم وقفت مذهولاً أمام
عينيك؟..
أمام شفتيك
ونهديك؟..
هل تذكرين بسمة تفتحت على ثغرك كزهرة الياسمين , يوم
رجعت مشرقة
بعد غياب صعب محمولةعلى سحابة خجلى؟..
تعالي نعيد
أحلاماً توالدت مع كل الزمان والمكان
أحلاماً أصبحت عرساً , صارت أسرة ومجداً
على دروب حياتنا ,
تفتحت أجمل لحظات الحب والسعادة.
ما زال العمر المديد يعيش على قطاف ماغرسناه ورعيناه .
أنت وأنا نسيرتحت أفق أخضر , عليه كتبنا الحكاية بحبر
واحد
رسمنا الآمال بلون واحد , ومع الفيروز أنشدنا بصوت واحد
حلمنا معاً وأنجبنا معا
.
قهرنا الأوجاع معاُ
, تحدينا الموت معاً
ما زلنا موحدين بالحب , نعب النسيم برئة واحدة
نخفق بقلب واحد ,
نجهد بعزيمة واحدة
ها نحن نشهد أروع الانتصار. تجاوزت ذريتنا أعلى الذروات.
تجاوزت آفاقنا
. أصبحت أغلى ثروة نملكها ..وتملكنا
أيتها الميسون الغنية بالحب
دعيني أرااك من
خلال جميع لحظات العمر
من خلال جميع نبضات القلب
دعيني أطوف معك كل المحيطات والقارات .
وكل المدن والساحات
. بحثاً عن حنين قديم وبيت مليء بالذكريات .
على صحائف
الزمان تاريخنا.
وعلى الآفاق
تحددت خريطة مراتعنا.
شعراء الحب
يروون قصائدنا.
و العصافيرحولنا تردد أناشيدنا .
بيتنا بيت السلام والياسمين
ما زال ملاذ البنين ,
كعبة العائدين,
جنة الأحفاد اليافعين.
هذه قصيدة من تشرين العمر
أنثرها على
أوراق خريف الدهر,
تروي بنداها
ظمأ ربيع لا يغيب .....
No comments:
Post a Comment
Note: Only a member of this blog may post a comment.