Tuesday, December 29, 2015

الفصل السادس عشر: المنجزات الفكرية والفنية

المؤلفات
المحاضرات والندوات ومئات المقالات والأبحاث، التي عرضت مفصلة في ملف خاص كانت ترفد المؤلفات، بل تسرب بعضها إلى هذه المؤلفات التي وجدت طريقها سهلاً سريعاً للنشر عن دور نشر مختلفة في سورية ولبنان والعراق ومصر والمغرب وتونس وليبيا والكويت والإمارات المتحدة (الشارقة) واليمن. عدا مؤلفات و ترجمات صدرت في فرنسا وإنكلترا وألمانيا عن أشهر دور النشر، مثل دار لايبزع  ودار فلاماريون  ودار هاشيت.


 لم تخرج المؤلفات في مواضيعها عن الفن والإبداع والتاريخ والآثار في مجال التشكيل والعمارة والفكر الجمالي، مع ذلك يمكن تصنيفها ضمن أبواب ثلاثة، باب المعاجم والموسوعات، وباب التاريخ الفني والمعماري، وباب الفلسفة الفنية والجماليات.
في نطاق تاريخ الفن والعمارة، كان أول كتاب جامعي هو الفن عبر التاريخ، وكان مخصصاً للتدريس في المعهد العالي للفنون الجميلة منذ عام 1960، ثم توسع هذا الكتاب أضعافاً تحت عنواناً: تاريخ الفن في العالم ليصبح المقرر الأساس في كلية الفنون الجميلة، جامعة دمشق، والذي أعيد طبعه للمرة التاسعة.
وبعد أن صدر كتاب العمارة عبر التاريخ عن دار طلاس، صدر كتاب مفصل في جزئين بعنوان تاريخ الفن والعمارة عن دار الشرق، وكان القصد من نشره خارج الجامعة تقديمه إلى أكبر عدد من القراء في العالم العربي، بعد أن كان محصوراً في نطاق طلاب جامعة دمشق.
وفي مجال الحديث عن تاريخ الفن التشكيلي في البلاد العربية صدر كتاب الفن الحديث في البلاد العربية عن منظمة اليونسكو، وكتاب رواد الفن في البلاد العربية عن دار الرائد العربي في بيروت، وكتاب الفن التشكيلي العربي عن دار الأول في دمشق.

لقد كان همنا بعد تقديم رسالة جامعية ثانية عام 1978 في جامعة الصوربون في باريس عن الأسس النظرية للفن الإسلامي، أن نضع برنامجاً موسعاً لنشر مجموعة من الكتب تتحدث مفصلة عن هذه الأسس الجمالية في مجالات الفن العربي المختلفة، فكان ظهور كتاب جمالية الفن العربي في سلسلة عالم المعرفة رقم 14 الكويت، وكتاب العمارة العربية، الجمالية والوحدة والتنوع، عن المجلس الوطني للثقافة العربية في الرباط وطبع في روما، وكتاب فن الخط العربي عن دار الفكر بدمشق، وكتاب جمالية الزخرفة العربية صدر عن دار مكتبة لبنان ناشرون في بيروت.
وإلى جانب هذه الكتب التحليلية الجمالية للفن العربي الإسلامي بجميع أجناسه، صدرت كتب أخرى متعمقة , في الفن العربي بين الهوية والتبعية، والجمالية الإسلامية في الفن الحديث. والنقد الفني وقراءة الصورة. والحداثة وما بعد الحداثة في الفن , والعمران الثقافي. وقد صدرت عن دار الكاتب العربي في دمشق والقاهرة. ثم أعددنا كتاباً موسعاً ومجموعة كتب «علم الجمال، علم المتاحف، علم الخط، عن الأصالة في الفن والعمارة، تحت عنوان (خطاب الأصالة). وقد نشرت عن دار الشرق
لقد كان أبو حيان التوحيدي معلمي في اكتشاف أسس الجمالية العربية في الفن، فحاولت اقتطاف عصارة فكره المبثوث في كتبه، كالمقابسات، والإمتاع، والإشارات الإلهية لتأليف كتاب عن الفكر الجمالي عند التوحيدي، صدر عن المجلس الأعلى للثقافة في القاهرة، وهو كتاب موسع عن كتب لي صدرت قبله في بغداد ودمشق.

المعاجم والموسوعات
المعجم الأول الذي نشر لي عن مجمع اللغة العربية بدمشق، كان معجم مصطلحات الفن ثلاثي اللغات، وكان قصدنا البحث عن المصطلح العربي المعجمي الذي يقابل مفردات الفن من رسم ونحت ونقش، وإسعاف الباحث في المصادر الأجنبية والفرنسية والإنكليزية لاستعمال المصطلح الأكثر مطابقة والأكثر أصالة، واعتماده بديلاً عن المصطلحات الافتراضيةوالتي تختلف بحسب أمزجة الكتاب.
واعتماداً على هذا المعجم صدر عن مكتبة لبنان- ناشرون معجمان في العمارة والفنون، الأول إنكليزي عربي وبالعكس، والثاني فرنسي عربي وبالعكس. ولقد تضاعفت المصطلحات في هذين المعجمين بزيادة مفردات العمارة والآثار ومفردات جديدة في الفن.
وعن مكتبة لبنان- ناشرون، صدر معجم ثالث بعنوان مصطلحات الخط العربي والخطاطين، وهو معجم جديد بنوعه، إذ يتضمن معاني المصطلحات التي وردت على لسان الخطاطين أو التي تخص تقنيات الخط، إضافة إلى لمحات تعريفية بالخطاطين المسلمين الأكثر شهرة، والأكثر حضوراً في تاريخ الخط العربي.
وإلى جانب المعاجم كانت ثمة موسوعة في تاريخ الفن والعمارة، الجزء الأول عن الفنون القديمة، والجزء الثاني عن الفن في أروبا، والجزء الثالث عن الفن والاستشراق.
وموضوع الموسوعة الثانية، التراث المعماري الإسلامي في جميع أنحاء العالم، وتتضمن هذه الموسوعة في مجلدين تفصيلاً معمارياً وتاريخياً لما يقرب من ألف آبدة معمارية، من مسجد أو مدرسة أو مدفن، مع صور وافية ومخططات ومساقط. وتبنى إصدار هذه الموسوعة دار الشرق بإدارة المهندس نبيل طعمة.

 الموسوعة الثالثة (سورية التاريخ والحضارة).
لم نكتف بدراسة عاصمة سورية، بل عملنا على تأليف موسوعة مؤلفة من أجزاء ثمانية تتحدث عن المناطق والمدن السورية، الجزء الأول تاريخي وشامل، والجزء الثاني عن دمشق وريفها، والثالث عن حلب وإدلب, والرابع عن حمص وحماة، والخامس عن اللاذقية وطرطوس، والسادس عن الجزيرة والفرات، والسابع عن درعا والسويداء والقنيطرة، والثامن عن تدمر والبادية. وإلى جانب هذه الأجزاء التي صدرت بصور ملونة ومخططات وغلاف أنيق، صدر كتاب ضخم جامع بعنوان سورية التاريخ والحضارة في ألف صفحة تقريباً مع ألف صورة جديدة ملونة، ولقد تبنت إصدار هذه الموسوعة وزارة السياحة برعاية الوزير قاسم مقداد.
مؤلفات الأوابد
   لسد النقص في مجال التعريف بآبدتين هامتين لم يصدر عنهما كتاب مرجعي شامل، تم إعداد كتابين الأول عن الجامع الأموي الكبير في دمشق، والثاني عن الجامع الكبير في صنعاء. صدر الكتاب الأول بحجم كبير ملون عن دار طلاس، بثلاثة أجزاء بالعربية والفرنسية والإنكليزية. وصدر الكتاب الثاني عن منظمة اليونسكو في طبعة أنيقة ملونة.
وفي كتاب الجامع الأموي، عرضنا نتائج الدراسة الأثرية التي قمنا بها سعياً لتأكيد أصالة الجامع الذي اكتفى كغيره من المساجد الأولى باستعمال مخلفات المباني السابقة، وأبنا اختلاف عمارته عن مخطط المعبد الروماني. كما أكدنا على آراء العلماء، من أن الكنيسة كانت في هيكل المعبد السابق، ولم تكن قد أنشئت محدثة، وأن قواعد المآذن الحالية، كانت هي الصوامع المخصصة للآذان والتي أنشئت بأمر الخليفة الوليد بن عبد الملك مع باقي أجزاء المسجد، مما يختلف كثيراً عن مخطط المعبد الذي كان مشابهاً لمعبد معاصر أنشئ في موقع حصن سليمان في غربي سورية.

وفي جامع صنعاء تم اكتشاف زخارف تعود إلى عهد الرسول، لم يتحدث عنها الباحثون قبلاً  , كما أوضحنا تطور تصميم الجامع والإضافات التي تمت فيه عبر العصور اللاحقة لإنشائه.
وإذا كان لهاتين الآبدتين نصيب الظهور في كتابين مستقلين، فإن الحديث عن الأوابد المعمارية الأكثر شهرة، وعن فن التصوير، بدا في كتابنا عن الفن الإسلامي، وهو كتاب موسع وشامل ومزين بصور مكبرة لأهم الأوابد والفنون، ولقد صدر في ألف صفحة مزينة بالصور عن دار طلاس في طبعتين متتاليتين.

لم يقتصر اهتمامنا بالعمارة الإسلامية على صدور الموسوعات والمعاجم والكتب الأخرى، فلقد لبينا طلب المنظمة الإسلامية للتربية والثقافة والعلوم في الرباط، بإعداد كتاب عن تطوير العمارة الإسلامية صدر بثلاث لغات. وكتاب آخر عن تطوير فن العمارة.
وكانت منظمة اليونسكو أي المنظمة العالمية للتربية والثقافة والعلوم قد كلفتنا بعدد من الكتب أشرنا إليها، وكان آخرها كتاب الفن الإسلامي الذي صدر باللغة الفرنسية والإنكليزية عن دار فلاماريون في باريس، مزيناً بصور جديدة للمباني التي تمت دراستها، وقد تعاونا في هذا الكتاب مع الباحث الشهير مايكل روجرز الأستاذ في جامعة لندن.
في كتبنا الجامعية (الفن عبر التاريخ، اتجاهات الفنون المعاصرة، الفن والعمارة في العالم) تحدثنا عن جميع مراحل الفن والعمارة في العالم، بما يفيد الدارس ويساعده للرجوع إلى مصدر عربي موسع عن تاريخ الفن والعمارة وكان علينا أن نكون موضوعيين، فقدمنا منهاجاً معرفياً أكاديمياً ثم توسعنا في موضوعين كان اهتمامنا بهما حتى إننا قدمنا بهما رسالتين جامعيتين تابعناهما بكتب متعددة. الموضوع الأول هو أثر العرب في الفن الحديث، وهذا يعني أننا جعلنا المناخ الجمالي الغربي مصدراً أساسياً من مصادر المدارس الفن الحديث في العالم. والموضوع الثاني، هو فلسفة العمارة والفن، فلقد تبين لنا أن وراء هذه الإبداعات العربية الإسلامية، يكمن فكر جمالي لا بد من إيضاحه  من أني شديد الإعجاب باتجاهات الفن الحديث التي استمدت مواضيعها وأساليبها من الشرق. وقدمت هذا في كتابي «أثر العرب في الفن الحديث» ثم في «الاستشراق والفن» ثم إني شديد التعلق بالفلسفة الجمالية العربية، وقد أفردت لها عدداً من مؤلفاتي (جمالية الفن العربي) (جمالية الخط العربي)، (العمارة العربية، الجمالية، الوحدة والتنوع)، ( الزخرفة العربية)....
واستمر سعينا لتزويد المكتبة العربية وكان آخر ماقدمناه مجموعة علم الجمال وعلم المتاحف وعلم الخط , وكتاب حكمة العروبة وكتاب العمارة العربية بين العالمية والاستشراق . وكتاب النقد الفني في عصر الحداثة , وكتاب تاريخ فلسطين القديم من خلال علم الآثار , ثم كتاب التراث الأثري السوري . وقد تم الاتفاق مع دار الفكر لإصدار عدد من الكتب الجديدة الكترونياً 

الفصل الخامس عشر: المنجزات الآبدية

صرح الشهيد

من المنجزات الهامة التي أسهمت بإنجازها , صرح الشهيد وبانوراما حرب تشرين التحريرية ومتحف التاريخ العسكري .
يقع صرح الشهيد وبانوراما حرب تشرين في قمة المنجزات التي تمت في مدينة دمشق، والتي أسهمنا فيها ضمن لجنة عليا من الاختصاصين، المهندس الدكتور وليد الجابري والمهندس محمد الفرا والعميد محمود عنباوي, على رأسها العماد حسن توركماني وزير الدفاع و تولت إنجاز الآبدتين بدءاً من التصميم إلى التكامل بالتعاون مع الفنان محمود حماد .وبتنفيذ شركة يعقوبيان من الاسمنت الحر .
ولقد اعتمد في تصميم صرح الشهيد على القبة ممثلة للعناية السماوية، وعلى القوس معبراً عن النصر. وفي عمق أرض هذه الآبدة أقيم متحف فني  للشهادة وثمة قاعة دائرية تحوي خمسة مشاهد تاريخية، تمثل معركة اليرموك، ومعركة حطين، ومعركة ميسلون، ومعركة لبنان، ومعركة الاستيلاء على قمة جبل الشيخ، وقام بإعداد هذه اللوحات البانورامية فنانون سوريون.هم حيدر يازجي واحمد ابراهيم وممتاز البحرة .

أما بانوراما حرب تشرين التحريرية، فلقد أقيمت شرقي المدينة على شكل قلعة دائرية، تتضمن أكبر لوحة بانورامية  دائرية بطول 125 متراً وارتفاع 14 متراً، تمثل موقعة القنيطرة في حرب تشرين 1973.قام بتنفيذها مجموعة من أقدر الرسامين الكوريين الشماليين .
وثمة مشروع طموح لم يكتمل , يهدف إلى إنشاء متحف للتاريخ العسكري ,شاركنا في إعداده مع اللجنة برئاسة العماد داود راجحه, وإقامة مسابقة لتصميمه وإعداد الأرض المخصصة لبنائه.










الفصل الرابع عشر: مع المنظمات الدولية

اللجنة الدولية لحماية صنعاء

في العام 1989 قررت منظمة اليونسكو تسميتي عضواً في لجنة ثلاثية مع العلماء , الامريكي  ليوكوك  والفرنسي بول لانفان ,للإشراف على حماية مدينة صنعاء وترميم عماراتها وبنيتها التحتية , بالتعاون مع كوادر الآثار اليمنية وعلى رأسها الدكتور عبد الر حمن الحداد..

كان عليّ أن أسافر بدأً من 17\12\1989 بدورات متعاقبة إلى صنعاء امتدت عشر سنوات " ولابدّ من صنعا وإن طال السفر " هذه المدينة التي ترسم بعمارتها روح اليمني ,وتشبهه ,وتعكس كبرياءه وشموخه .

كانت صنعاء أو آزال في وجداني ومسؤوليتي ,رافقت تأهيل جميع أوابدها وأسواقها وسمسمراتها ,وامتد انشغالي إلى ماحولها بل إلى اليمن السعيد كلّه,حيث عمارة الكبرياء , نمت في بيوتها ,وتمتعت بجلسات مفارجها وأكلت من عنب المقاشم فيها وأسهمت في توظيف سمسراتها وكتبت عن جامعها الكبير . ومضيت مدهوشاً بسوق المُلح . وقصر الحجر ومدينة شبام كوكبان.وحفظت عمرانها,حيث العمارة التي لا نظير لها ,وقد حوت كلّ فن .
وأشعر بالسعادة لمنحي وشاح الثقافة والفنون من حكومة اليمن ومنظمة اليونسكو, تقديراً لما أنجزناه من عمل ناجح .




تكريم منظمة اليونسكو والدولة اليمنية


تحت رعاية رئيس الوزراء في الجمهورية اليمنتية وبمناسبة الاحتفال بنهاية الحملة الدولية لحماية صنعاء والآثار اليمنية منحت الحكومة اليمنية ومنظمة اليونسكو الدكتور عفيف البهنسي وشاح الثقافة والفنون من الدرجة الآولى تفديراً لجهوده في الاشراف على أعمال الترميم والتأهبل في مدينة صنعاء خلال زمن امتد عشر سنوات. وحضر حفل التكريم السيد سفير الجمهورية العربية السورية الدكتورأمين أسرب   وفيما يلي تفريره عن حفل التكريم: 

مركز أبحاث التاريخ والفنون والثقافة الاسلامية

في العام 1980 انبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي في جدة مركز أبحاث التاريخ والفنون والثقافة الاسلامية( ارسيكا)  ومقره قصر يلدز في استانبول . وفي اجتماع مجلس وزراء الخارجية في الدول الإسلامية ,تقرر تسميتي عضواً في مجلس إدارة هذا المركز الذي يضم الدكتور أكمل الدين والاستاذ أحمد محمد عيسى و الدكتوركولزار حيدر وراجا فوزية  , وانتخبت رئيساً للمجلس , وكان مدير المركز الدكتور البروفسور أكمل الدين إحسان أوغلي . واستطاع المركز بإدارته إنجاز مشاريع هامة في الثقافة الإسلامية والتراث . ثم انتخب أميناً عاماً لمنظمة المؤتمر الاسلامي في جدة  مع مضاعفة اهتمامه بمركز ارسيكا . كما رشح في العام 2014 لرئاسة الجمهورية التركية وحصل على 40 بالمئة من الأصوات.




 تكريم الأستاذ الدكتور أكمل الدين إحسان أوغلي             
    الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي

حضرة الصديق العزيز والأخ الكريم الأستاذ الدكتور عفيف البهنسي حفظه الله ورعاه
-       دمشق
-       السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
-       فإنه ليسعدني ويشرفني أن أتقدم إليكم بخالص عبارات التهنئة والتقدير على إثر تكريمكم في حفل بهيج أقامته على شرفكم وزارة الثقافة، و تكريمكم من قبل كلية الفنون الجميلة بجامعة دمشق، فهنيئاً لكم وألف مبروك على هذا التكريم، فأنتم أهل له، إذ أن مساهماتكم في البحث في مجالات الفن والعمارة وعلم الآثار تعتبر علامة بارزة ومضيئة في تاريخ البحث والكشف وعلوم الآثار والمتاحف والفن في سورية والبلاد العربية. كما أنني لن أنسى الذكريات الجميلة التي عشناها مع بعضنا طوال الخمس وعشرين سنة الماضية حيث كنتم نعم الصديق والأخ العزيز والعالم القدير الذي لا يتأخر في تقديم المساهمة والمشورة والرأي الصائب، ولا سيما عندما كنتم رئيساً لمجلس إدارة مركز الأبحاث للتاريخ والفنون والثقافة الإسلامية في استانبول (إرسيكا) والذي أدرتم اجتماعاته بكل حنكة ودراية، فاستطعنا تحقيق العديد من المكاسب التي أفادت المركز كثيراً ومهدت له الطريق لمسيرة طويلة اتسمت بالنجاح والتوفيق، والحمد لله.
أشعر اليوم بسعادة غامرة وارتياح كبير لأن التكريم شمل أحد رجالات العلم القلائل في عالمنا الإسلامي، فهنيئاً لكم وأطال الله في عمركم ونفع بكم الأجيال الصاعدة من العلماء والباحثين.
وأخيراً لكم مني أحرّ التحيات والتمنيات لكم  بالصحة والعافية وطول العمر.
أخوكم
   
                                      أكمل الدين إحسان أوغلي




وفي العام 1985 تأسست اللجنة العالمية لحماية التراث الإسلامي برئاسة الأمير فيصل بن فهد , وانتخبت نائباً للرئيس ,ومقرها استانبول . ومن أهم نشاطاتها إعداد مسابقات دورية لأعمال الخطاطين مع تكريم لأشهر الخطاطين ,ابن البواب والمستعصمي وحامد الآمدي ..




 عفيف البهنسي مؤسس جمعية أصدقاء دمشق 
          كلمة الأستاذ نزار نسيب القباني
   
" بدعوة من الدكتور عفيف  البهنسي  تنادت في عام 1977 م كوكبة من أصحاب الفكر والمعرفة لتأسيس جمعية أصدقاء دمشق , وكان من أهم أهداف الجمعية مؤازرة السلطات الأثرية والبلدية والوقفية والسياحية في حماية دمشق المدينة والغوطة وبردى وقاسيون والمواقع التاريخية فيها وآثارها, والمحافظة على طابعها, والعمل على تجميلها وتبني البحوث والدراسات التي تفيد في إحياء مدينة دمشق وتحقيق تاريخها,  والتعريف بها, وتخليد أعلامها وبناء أضرحة العظماء المدفونين فيها ( كما ورد في النظام الداخلي للجمعية ) .



 وقد أضفى الدكتور البهنسي بشخصيته العلمية والفنية على جمعية أصدقاء دمشق بهاء تاريخه العلمي وانتاجه لأكثر من سبعين مؤلفاً مرجعياً في الفن والعمارة. 
ويبقى من الإنسان الباحث الأستاذ الدكتور عفيف البهنسي انه يحاول المساعدة على الحفاظ على تحديد جينات الشخصية الدمشقية في العمارة القديمة والحديثة وتجاوز جناية التبعية الغربية في نظام الأسرة التي تحول بعضها بفعل الوضع الاقتصادي العشوائي إلى الاستهلاك دون الإنتاج الايجابي, خاصة في الريف , والاتجاه إلى الربح والتجارة دون العلم ومتابعته , والى الرفاهية الرخيصة دون الجد والمسؤولية .

وتظل دمشق هاجس الدمشقي الدكتور عفيف البهنسي وهو الذي ساهم فعليا مع جمعية أصدقاء دمشق في الدعوة المستمرة لتطوير مدينة دمشق العريقة وحمايتها من عوادي الزمن والبشر . "

الفصل الثالث عشر: في عالم الآثار والمتاحف

ابتدأت الحركة التصحيحية 21/3/1971 ، و كانت بناء جديداً لقواعد السياسة والاقتصاد والأفكار أيضاً. وكان من الممكن تنفيذ الأهداف الجديدة بسرعة تلبية لإرادة واعية. وعندما استلمت مهام مدير الثقافة, سعيت لحماية الأطفال بإنشاء فرقة كشفية تضمهم ,وكان منهم ولدي إياد وفراس طلاس وأخوه مناف ووائل حداد وثائر لحام .. وسهلت عودة الشاعر نزار قباني ودعوته لإلقاء أمسية شعرية , كما دعوة الشاعر العراقي مهدي الجواهري لأمسية أخرى  . واستمر عملي عاماً واحداً .
لم يكن من همي استلام منصب ما ولم يكن الامرصعباً ,وفضلت ممارسة عمل ينسجم مع اختصاصي في تاريخ الفن والآثار , وهكذا استلمت مهام المديرية العامة للآثار والمتاحف.بقرار من رئيس الجمهورية حافظ الاسد بعد لقاء ودي طويل  .

تتوسع مهام المديرية لتشمل جميع المحافظات دون أن تخضع لنظام الإدارة المحلية . ذات استقلال إداري ومالي . وكان من المديرين المساعدين ,د. عدنان البني ونسيب صليبي للتنقيب وأحمد دهمان ويوسف زحيلي وفرج العش و عدنان قيسي  للترميم ود.عبد القادر ريحاوي للمباني وبشير زهدي للمتحف الوطني وشفيق الإمام لمتحف التقاليد الشعبية ودعد حكيم للوثائق التاريخية وعلي القيم لمتحف العلوم و شوقي شعث لمديرية حلب وخالد الأسعد لدائرة تدمر وسليمان مقداد لإدارة بصرى ومروان مسلماني للتصوير .. إضافة لعشرات الزملاء العاملين في المحافظات في إدارة المتاحف والآثار . وكانت مجلدات الحوليات الاثرية العشرين التي أقود تحريرها حافلة بالدراسات التنفيبية والتاريخية . ويساعد المديرية مجلس الإدارة ومن أعضائه عبد الرؤوف الكسم وشكري فيصل وزهير الكتبي و أبو الفرج العش

   عقدان من عمري قضيتهما في إدارة الآثار والمتاحف. وكان عليّ أن أدعم إلى أكبر حد  ممكن التعاون مع علماء الآثار في العالم لتوسيع نطاق التنقيب الأثري ، وازداد عدد هؤلاء العلماء حتى قارب الألف عدداً. ويجب الاعتراف بأن التعامل مع هؤلاء العلماء قام على أساس الرعاية والتشجيع والاحترام، ولقد حققنا جميعاً إنجازات هامة في مجال التعرف على التراث القديم وبالتالي على التاريخ الحضاري بجميع مراحله، كنا نجهله ويجهله العالم. كما نشر هؤلاء العلماء نتائج أبحاثهم وتنقيباتهم في دوريات عالمية أو في مجلة الحوليات الاثرية التي توليت رئاسة تحريرها  أو في كتب خاصة، وكان لهذا النشر العلمي أثره في تكوين مرجعيات علمية عن تاريخ الحضارة في هذه المنطقة، وعن الحقيقة التاريخية لما يسمى بالعهد القديم.

وبالتعاون مع زملائي تم إنشاء  عدد من المتاحف وتوسيع نطاق الحفر في التراث والتنقيب عن الآثار, ثم في إنجاز عمليات الترميم الصعبة التي انتقلت من ترميم مبنى إلى ترميم مدينة . ولقد توسع الزميل الاستاذ بشير زهدي بسرد أهم المنجزات .
لابدّ أن أشيد بالدراسات التي قدمها الزملاء والخبراء ,أذكر منهم , بشير زهدي عن دمشق الآرامية وعبد القادر ريحاوي عن قلعة دمشق القديمة وجبرائيل سعادة عن أوغاريت وخالد الاسعد عن تدمر وسليمان مقداد عن بصرى وكامل شحادة عن المعرة وغالب عامر عن السويداء وشهبا ونسيب صليبي عن عمريت...

كما أشيد بتنقيبات أندره بارو في ماري و كلود شيفر في أوغاريت وشالنكو في المدن المنسية و جان سوفاجيه في دمشق القديمة , وبوتشيللاتي في العشارة و جان بالتي في أفاميا وماتية في إيبلا , وأولغ غرابار في قصر الحير الشرقي, و اوالبرت في الرصافة وكوفان في العصر الحجري , وشترومنغر في حبوبة ولاغارس في رأس ابن هاني وإيغامي قرب تدمر...

وفي كتاب الآثار السورية عرض لنتائج التنقيب في عشرات المواقع الأثرية مع عرض لاهم النشاطات الترميمية و المكتشفات الاثرية,وكان السيد رئيس الجمهورية شديد الاهتمام بهذه الاخبار يتلقاها مني عبر مدير مكتبه  ., ويرويها لكبار زواره , وكان منهم الرئيس الامريكي جيمي كارتر وقد نصحه لزيارتي لاستكمال معلوماته عن مكتشفات ايبلا.وحمل كارتر مطبوعات وصوراً ليقدمها في محاضراته بوصفه أستاذاً لعلم الاديان .
ر

بمناسبة مشروع سد الفرات , كان لابدً من الاهتمام بمنطقة أثرية سوف تتعرض للغمر .كان علينا أن نوجه عن طريق اليونسكو دعوات لجامعات العالم للاشتراك في عمليات التنقيب قبل حدوث الغمر .من نتائج التنقيب التي قامت بها ما يقرب من عشرين بعثة ,أن أقمنا معرضاً لأهم المكتشفات , مع ندوة لآثار الرقة , وعرض لنتائج ترميم قلعة جعبر وحصن الرشيد وقصر البنات وجامع الرقة , وإعادة بناء أسوار الرقة .


إيبلا والثورة على التاريخ التوراتي
يقع تل مرديخ في محافظة إدلب على مسافة ثلاثين ميلاً جنوبي حلب هناك بدأ العالم الإيطالي ماتييه بشق هضبة عالية منتشرة على مسافة مئة وأربعين آرك، انتهت باكتشاف حاضرة ايبلا و القصر الملكي والمكتبة وتحوي خمسة عشر ألف (رقيم) لوحة مسمارية وتنبئ هذه اللوحات عن تاريخ نهضة وسقوط إيبلا، وعن المملكة القوية التي ازدهرت ما بين الفترتين (2400-2250) قبل الميلاد..
إن هذه اللوحات النادرة والفريدة قدمت لنا أقدم لغة عربية سامية في أول قائمة للمفردات والمرادفات عرضها الإنسان، وقد قام الكتاب والمؤلفون في إيبلا باستعارة الكتابة المسمارية لكي يدونوا لغتهم الأصلية.



 ولعل أهم ما شغلنا في مجال التنقيب عن الآثار هو التحقيق في مضمون الرقم المكتشفة في إيبلا والتي أثارت جدلاً عالمياً  كشفت عنها في محاضرتي 26-6-1978في جامعة روما بحضور سفيرنا الاستاذ موفق الشرع وعلماء الآثار الذين جاؤوا من جامعات إيطالية وفرنسية، وفيها عرض أهمية هذه الرقم وما تؤكده من وجود حضارة سورية موازية لحضارة الرافدين وحضارة الساحل السوري، ثم ما تمثله من لغة هي لهجة من أصول اللغة العربية .

 إن أهم ما أبرزته الرقم هو الملامح الواقعية والتاريخية الصحيحة للعهد القديم مما يخالف الروايات التوراتية الوهمية، ولقد تابعنا تشجيع البحث لإعادة كتابة التاريخ القديم على ضوء المكتشفات الأثرية التي قام بها علماء من جميع أنحاء العالم بما فيهم العلماء اليهود الذين أعلنوا عدم العثور على أي أثر لوجود دولة إسرائيل في تنقيبات واسعة أجروها في القدس وأريحا، وتابعنا نشر نتائج هذه الحقائق التي تكذب ادعاءات التوراة، في دوريات عربية مختلفة وفي كتاينا "تاريخ فلسطين القديم من خلال علم الآثار " .عرض لهذه الوقائع.
 كان لاكتشاف مملكة إيبلا في موقع تل مرديخ- إدلب دوره في إعادة النظر بموضوعية التاريخ التوراتي. ولقد قمنا بمحاربة التأويلات المغرضة  بإحداث لجنة عالمية من المختصين بقراءة هذه الألواح لتصحيح هذه التأويلات، وكان الانتصار باهراً على الفكر التوراتي وعلى الهجمة الصهيونية التي رافقت هذا الاكتشاف. وأستطيع القول أن تصحيح قراءة ألواح إيبلا أدى إلى الشك الكامل بالأحداث التوراتية، وبالتالي إلى عزوف علماء الآثار عن الاعتماد على التاريخ التوراتي، والاعتماد فقط على النقائش والمكتشفات الأثرية كسند وحيد لكتابة التاريخ القديم.
لقد قام الجدل مع المحرفين على اعتبار أخبار إيبلا تنسجم مع أخبار التوراة، ولكن الرد العلمي الذي قام به العلماء كان كافياً لإثبات العكس، وخلال عقد كامل كان السجال حاداً مع التوراتيين ولقد عرضنا في كتابنا "وثائق إيبلا " تفصيلاً لهذا السجال.
 كان همنا في المديرية العامة للآثار أن نجعل العمل الأثري طريقاً لتصحيح التاريخ القائم على الوهم، وجعل هذا العمل جهاداً لتحرير التاريخ من الأساطير والأوهام والمطامع المقدسة، وجعله علماً يقوم على المدونات والآثار والبحوث العلمية المحضة ولبحث وفق منهج دقيق ووثيق،أثرية إذ عندها فقط نستطيع أن نمسح  الخرافة والخيال التوراتي، وأن نستبدل بذلك الحقيقة التي هي موئل الفكر الأوربي العلماني الحديث.
   ولقد تحول علماء الآثار، العاملون في بلادنا على الأقل، إلى المنطق واليقين العلمي وكانوا قد ابتدأوا سدنة للمنطق التوراتي، وهو أخطر تحول حققته السلطة الأثرية عندما كانت تلتزم أهدافاً قومية صريحة، وتفرض هيبتها العلمية على عمليات الحفر الأثري. وفي كتابنا "التراث الاثري السوري " عرض لأهم إنجازات عمليات التنقيب والبحث عن الآثار السورية .
وسعياً لضمان دراسة الرقم الطينية شكلنا لجنة دولية من علماء اللغات القديمة لنشر ترجمات هذه الكتابات في حوليات مازالت صادرة , وتتألف اللجنة من العلماء بوتشيلاتي وآركي وفرانزارولي من ايطاليا وسولبرجر من بريطانيا وادزر وكلينغل من المانيا... كما أنشأنا متحفاً في مدينة إدلب لحفظ هذه الرقم وجميع المكتشفات الأثرية التي تمت في هذه المحافظة .

خلال هذه الفترة الحرجة من الجدل حول وثائق ايبلا , صدر في أوربا كتابان ضخمان , الأول تحت عنوان Revolution in arcaeology ذكرت مضمونه في كتاب وئائق ايبلا ,والثاني تحت عنوان Discovery ويتضمن هجوماً مغرضاً على سوريا واتهاماً غريباً على المديرالعام للآثار بإخفائه نصف الحجر التوراتي الذي اكتشف في ايبلا (كذا) , ومطاردته في البحر وغرقه فيه .
ورداً على هذا الكتاب قام علماء الآثار العاملين في سوريا بنقد محتوى الكتاب . وكان علينا أن نعمل على إقامة دعوى دولية على مؤلفي وناشري هذا الكتاب . وفي شهر تموز من عام 1988 قمنا بزيارة سفيرنا في واشنطن السيد موفق جويجاتي واستحضرنا محامياً أمريكياً والذي كشف لنا عدم الجدوى من الشكوى إذ ذكر الناشر على الغلاف الداخلي للكتاب كلمة fiction وتعني أن مضمون الكتاب روائياً مختلقاً.
وانحاز جميع العلماء الى موقفنا ، وتكونت صداقة مع أكثرهم وبخاصة العالم جيورجو بوتشيلاتي وزوجه مارلين، وقد تولت جامعته إصدار دورية خاصة بالآثار السورية في مدينة لوس أنجلوس. و قامت بتنظيم ندوة دولية عن الآثار السورية في مدينة شيكاغو حضرها مئات العلماء وقدمت كراع لهذه الندوة وألقيت كلمة الافتتاح.وفي الصحافة اليومية في شيكاغو نشرعرض موجز عن هذه الندوة مع الاشارة النقدية الساخرة  من رواية أن  المدير العام للآثار لم يغرق في البحر المتوسط.

الدكتور عفيف البهنسي وعلم الآثار

د. محمد بهجت قبيسي

" ذكرى وذكريات... كان أستاذي في مدرسة هنانو الابتدائية عام 1949، وكان أستاذي بالرسم الانطباعي الواقعي آنذاك.
في ذكريات عفيف البهنسي الكثير... منها العلمي، ومنها الأخلاقي، والإداري، والسياسي، والفنّي... كل ذلك من خلال مسيرته الحياتية من حي الشهداء بدمشق (الصالحية) مسقط رأسه ، ودار المعلمين ومدراس دمشق وجامعتها (الجامعة السورية آنذاك)، ثم باريز وسوربونها، فوزارة الثقافة، فالمديرية العامة للآثار (وهي بمسؤولياتها العلمية والإدارية والسياسية أكبر من الكثير من الوزارات)، إلى مكتبة الأسد مكان التكريم اليوم.
قد يتساءل سائل: ما دخل السياسة في التاريخ والآثار وعفيف البهنسي؟. نقول:
لقد كُتب التاريخ  القديم حسب الفكر التوراتي والفكر الإغريقي، وأحياناً نجد تناغماً بينهما. ولا يزال استغلال التاريخ والآثار همّ الصهيونية العالمية.
تحدّى عفيف البهنسي الفكر الغربي (المتغرّب) حيث دعى البعض لاستغلال التاريخ التوراتي غي السياسة. نعم هناك كُثُر أرادوا أن يقتاتوا من الأساطير، لكن عفيف البهنسي ناهض الصهيونية غير اليهودية التي رفضت العلم، وأثارت موضوع نقوش إبلا بأن هناك علاقة كبيرة بين وثائق إبلا المسمارية والتوراة والتي تزعّمها كلاًّ من الصحفي «روزن برغر» والأثري «جيوفاني بيتناتو» عام 1979.
نعم، في هذا النفق المظلم كان هناك قبسٌ وحيدٌ فريدٌ في الوطن العربي قام للدفاع والتصدي، قي هذا القبس الفريد كان عفيف البهنسي،قد  قام حين كنا نيام، وتصدّى حين كان الخنوع للمستشرقين أمر سار. تبنى مدرسة المحاكمة العلمية وتصدى للمسألة  بكل موضوعية وعلمية، ويكفيك من مؤلفاتك يا دكتور عفيف فخراً هذا السِّفر العلمي المسمى (وثائق إبلا) الذي حمل عناوين كثيرة منها:
- الصهيونية العالمية ووثائق إبلا.
- استنتاجات صهيونية غريبة واتهامات.
- محاولات التأكيد على علاقة إبلا بالتوراة وبحضارة العهد القديم.
- ردود على التحريضات والاتهامات.
وقد عمل الدكتور عفيف البهنسي على إنشاء الهيئة الدولية لوثائق إبلا لإسكات الفكر الصهيوني حول إبلا وإلى الأبد.
نعم هذا حال التصدّي للفكر الصهيوني التوراتي الذي كُتِبَ فيه التاريخ القديم والذي كان له تأثير كبير على المسار السياسي والدولي.
أما حول التصدي للفكر الإغريقي، فيكفيه نقد المقولة الإغريقية أن النظام الشطرنجي (هيبودرامي) في بناء المدن هو نظام إغريقي، فحقق أن دمشق وهي أقدم من الحضارة الإغريقية بآلاف السنين بُنيت على النظام الشطرنجي، كما أن مدينة بابل في بدايات الألف الثانية قبل الميلاد بُنيت على النظام الشطرنجي، بينما الحضارة الإغريقية الفعلية لا ترقى إلى القرن السابع قبل الميلاد، وإذا بالغوا في وجودها البدائي فلا تتعدى القرن الثاني عشر قبل الميلاد.
نعم إن التصدي للفكر التوراتي والفكر الإغريقي المجموع في مقولة:
أن التاريخ كُتب حسب الفكر التوراتي والفكر الإغريقي
كان عفيف البهنسي من الأوائل المبكرين الذين تصدوا لهذا الفكر بأسلوب علمي سليم.
وأخيراً، أشكرك أيها المبدع المكرم باللهجة العربية الأكادية (بفرعيها البابلي والآشوري) وأقول  أخي أتَ جُملانك ملك علي . أي :    أخي أنت جميلك ملك علي حياتي
وأحييك بلهجة السيد المسيح العربية الآرامية وأقول: بطوبا وسلام أي:    بطيبِ وسلام ."

توطدت علاقتي مع علماء الآثار ومنهم العالم الايطالي بوتشيللاتي وزوجته وقد أنجزا تنقيبات ناجحة في العشارة – ترقا . وتعرفت على العالم الامريكي كافن مدير المتحف السامي التابع لجامعة هارفرد في بوسطن بمناسبة اكتشافه لمجموعات هامة من الصور الفوتوغرافية للمصور بونفيس الفرنسي وتعود الى نهاية القرن التاسع عشر , وموضوعها الحياة الاجتماعية والشخصيات والبيوت في البلاد العربية .وقد ساعد الصديق السفير صباح قباني بإخراج أهم الصور .

لا بد أن أشيد بدور العلماء اليابانيين وعلى رأسهم البروفسور إيغامي ¸الذين أسهموا في عمليات التنقيب في موقعين ، كما بالغوا بالحماسة لإنقاذ الجرار( أمفورا) القديمة الغارقة قرب سواحل طرطوس، وكانت هذه العملية الناجحة موضوعاً لفيلم وثائقي أذيع في فضائيات العالم، بل كانت موضوع معرض ضخم أقيم في ناغويا عام 1988 تحت عنوان "سورية وطريق الحرير" شاركنا بإعداده وافتتاحه.


معرض" الفن في سورية منذ عشرة آلاف عام"
كانت صعوبة الظروف السياسية العالمية في العقد السابع والثامن من القرن الماضي، سبباً في عزلة سورية و في ضعف النشاط السياحي، وكان لا بد أن نبادر في تقديم تراثنا المتحفي إلى العالم، للتعريف به ولتقوية العلاقات الثقافية مع العالم.وبعد موافقة مجلس الوزراء في جلسة خاصة على مشروع إرسال  ألف تحفة من الآثار السورية في معرض جوال عبر العالم، وضعنا برنامجاً وشروطاً تتضمن انتقال المعرض وذلك بموجب اتفاقية رسمية تتضمن ضمان عودة الآثار إلى بلادنا سالمة.وتحمل تكاليفها وضمانها .


وأدى النجاح الكبير الذي لقيه معرض الآثار السورية الذي أقيم في  سبع مدن كبرى في اليابان عام 1976 وما لاقاه من صدى إلى  إقامة معرض مماثل للآثار السورية في مدن ألمانية بتاريخ 3/3/1982و افتتح المعرض في قاعة قصر (شارلوتنبورغ) في برلين ثم انتقل المعرض بين مدن ألمانية هي برلين- وآخن- وفرانكفورت- وميونيخ- وانتهى عرضه في في 24/7/1983، تحت عنوان (عشرة آلاف من الفن السوري) , لينتقل إلى فيينا عاصمة النمسا حيث افتتح في 13/2/1984 في مقر الكونسرت هاوس باسم (أرض بعل .)  وحضر المعرض مستشار الدولة, ثم انتقل إلى مدينة لينز وانتهى في 15/7/1984، لينتقل إلى باريس في القصر الصغيروحضره شيراك بوصفه رئيس بلدية باريس  وانتشرت اللافتات عن المعرض في أنحاء باريس  تحت عنوان " عشرة آلاف عام من الفن والآثار في سورية. ثم الى إيطاليا حيث افتتح في روما في 15/2/1985 في متحف الكابيتول تحت عنوان (من إيبلا إلى دمشق) وانتهى في 15/5/1985 حضره رئيس الوزراء  ووير الثقافة. ثم انتقل إلى الولايات المتحدة الأميركية بمساعدة معهد سميثونيان , وافتتح في 16/ أيلول 1985 في كينكيناتي وبالتيمور وريشموند و دترويت . ثم عرض في متحف التاريخ الطبيعي بواشنطن، وحضر المعرض وزير الخارجية الامريكي سايروس فانس يرافقه السفير الامريكي في دمشق وكتب في صفحة الزوار "شديد الاعجاب والدهشة بعراقة الحضارة السورية , وأعد نفسي بزيارة المتحف السوري ".
 ومن واشنطن  انتقل إلى ولاية كاليفورنيا في مدينة لوس أنجلس في 13/3/1986 وعرض بمتحف التاريخ الطبيعي واستمر عرضه حتى أوائل حزيران، و استمر هذا المعرض متنقلاً في الولايات المتحدة الأميركية طيلة عام 1986 وعام 1987. و  يعد أكبر تظاهرة ثقافية .أشبعت رغبة ملايين الأمريكيين . "
وقد تم طبع مجموعة من الكتب  في500 صفحة ملونة بلغات مختلفة , اليابانية و الألمانية والإيطالية والإنكليزية والعربية والفرنسية تتصمن دراسات معمقة مختلفة عن المكتشفات التي حققها علماء من أنحاء العالم من قبل هذه الدول , تعريفاً بتاريخ سورية الحضاري من خلال الآثار المعروضة .
وتحملت الجهات المضيفة جميع نفقات المعرض، كما تحملت مسؤوليته، وقدر مبلغ الضمان بمئة مليون دولار,و كانت عائدات المعرض لصالح سورية.
. وفي كتابنا «علم المتاحف والمعارض» تحدثنا بتفصيل عن هذا المعرض الذي حمل شعار «عشرة آلاف عام من الفن  والآثار في سورية» .


معرض روائع الحضارة التدمرية في سورية:
تم افتتاحه في 1\9 \1986 في وارسو (بولونيا)، ثم انتقل بعدها إلى الاتحاد السوفييتي ليعرض في لينينغراد ثم في موسكو ونقل بعدها إلى ألمانيا الديمقراطية وعرض في برلين واستمر حتى نهاية  العام، ليتابع بعد ذلك مسيرته مع بداية العام  1987 في بودابست (هنغاريا) ثم لينز (النمسا) ثم عرض في ميونخ وفرانكفورت في ألمانيا الاتحادية ثم استوكهولم (بالسويد).
وتم طبع دليل عن هذا المعرض من قبل كل دولة مضيفة.

Saturday, December 26, 2015

الفصل الثاني عشر:أسرته وبيته

في شارع الروضة

 " أمام مرآة عطائه كنت أحاوره بهدوء ، وظل صامتاً ، ثم لم يلبث أن خرج من المرآة ليدخل بيته في شارع  الروضة قريبا منً مبنى وزارة الثقافة حيث كان مديراً للفنون الجميلة ، في بيته حيث مكتبه ومكتبته ، وحيث أقلامه وريشه ومؤلفاته ولوحاته ، ولكنه كعادته ، لم يكن متلهفاً للكتابة بقدر لهفته لأولاده ،إياد وأنس ويولا وكنان وعمر , وعلى رأسهم زوجته المصورة التشكيلية ميسون وكان عليه أن  يترك المجال واسعاً لزوجته  لكي تأخذ حقها في ممارسة اختصاصها الذي تفوقت فيه منذ أن كانت طالبة في كلية الفنون الجميلة بدمشق ومارست التصوير مشاركة في أكثر المعارض الفنية , كما مارست التدريس الفني.


لقد كان أباً قبل أن يكون باحثاً أو أديباً أو فناناً، وأولاده الأربعة وبنته الوحيدة هم عالمه ومستقبله وهمه، وليس من حقي أن أنكر عاطفة أي أب نحو أولاده، ولكني لن أنسى رعايته اليومية بمتابعة دراستهم وتشجيعهم وبمراقبة سلوكهم ضمن حدود الحرية والثقة والحب, حتى حصلوا على أعلى مراتب المعرفة الاختصاصية والألقاب الجامعية. و ليس من اعتزاز يتمتع به الأهل أغنى من اعتزازهم بوصول الابناء إياد وأنس ويولا وكنان وعمر, إلى أعلى مستويات العلم و المعرفة .بدراستهم في الجامعات الامريكية, مما أكسبهم اتقان لغة عالمية , وحصولهم على درجة الدكتوراه من جامعات أمريكا , حيث اختص إياد بالإتصالات من جامعة كليفورنيا لوس أنجلوس ,واختص أنس بالصناعة الدوائية من جامعة ماساتشوسيت للصيدلة في بوسطن , واختص كنان بنظم المعلومات الإدارية من جامعة نور إيسترن في بوسطن.واختص عمر بعلوم الحاسوب من معهد كوينزي والجامعة الأمريكية في دبي , واختصت يولا باللغة الانكليزية  من جامعة دمشق. "

وأنا أشهد بأن حب الأبناء وتقديرهم لأبيهم كان انعكاساً لهذه الرعاية وهذا الحب الصادق , وأعرف أن الأب القدوة يساعد أبناءه على رسم مستقبلهم وتحقيقه.,
وتزوج إياد من هادية الترك وأنجبا آية وعفيف وسدرة .ثم تزوج انس من ديانا زيدان وأنجبا جود وجوليا .وكانت يولا قد تزوجت من الدكتور غسان الطويل ولها بنتان تالا ويارا . وتزوج عمر من تارا عزيز. ". ودخلت آية وتالا الجامعة الأمريكية في بيروت


لملمتُ أطراف القصيد كي أكون قادراً                على الكلام واثقاً من ورْقتي  وريشتي
سكبتُ من عيني دموعاً صِغتها  رسالة ً               كتبتها مسترسلاُ معبّراً    عن وحشتي
بدأتها منادياً بجملة "إبني الحبيبْ "                     صورت فيها خفْقتي, رسمتها بريشتي
أحسست أنَّي حاضنٌ هذا الذي ناديته ُ                  أو حاملٌ  على يميني  مهجتي أو فلذتي
" إبني الحبيب" لم تعد عبارةً قولاً يقال                بل دعوة ًمن الفؤاد,  خفقتي من نبضتي
أوفدتهم , وكان قلبي راعشاً من فرقة ٍ                 قد باعدتْ روحي التي أودعتها صبابتي
وعدت نفسي باللقاء ظافراً بنصرهم                    ناشدت ساعاتِ اللقاءِ  أن تدوم نشوتي
من ديوان أبيات على جبهة الجبين


أعود للحديث عن أولادي . كان إياد رفيقي في الأيام الأولى من حياتي الصعبة وما زال إبناًورفيقاً مما أغناني عن الرفاق. تحملت غيابه الطويل في أمريكا يتابع دراسته العالية بهمة ونجاح. وسعدت بزواجه الناجح وبذريته الجميلة الذكية ,وبعمله المثمروسمعته البارقة .

وأفخر بطموح أنس العلمي ونجاحه في عمله التدريسي والبحثي.ما زال قريباً مني متابعاً انتاجي وكتاباتي  ,محققا سمعة أكاديمية عالية .لقد كان عوناً لإخوته في متابعة دراستهم في الولايات المتحدة .

لقد أسهم كنان في دفءحياتنا الموحشة , عاش معنا متابعاً سعيه المستمر ليكون مواطناً أممياً ناجحاً ,معتمداً على البحث والدراسة والتدريس في مهامه كخبير دولي في المنظمات العالمية.

أما عمر فلقد غاب زمناً طويلاًيتابع تحصيله العالي وتنظيم عمله المتميز وزواجه الدافئ السعيد. نزوره نادراً ونشتاق له دائماً.

وللحبيبة  يولا منزلة خاصة لحنانها وحرصها على اسعادنا.إليها أسجل هذه الرسالة.
  مازات أتابع تنامي إبداعاتك منذ أن كنت يافعة في صفوف الدراسة الأساسية , يوم لمست إهتمامك المبكر بالفلسفة والشعر والتاريخ , و لم أسع  لتحديد خياراتك , إذ وجدت  فيك المثقفة الشاملة .لقد اكتشفت موهبتك الموسيقية غناءً وعزفاً  , و تأكدت من اهتمامك بالشعر حفظاُ ونظماً , وكان نشر ديوانك الشعري الأول  " إلاّ معي " باكورة إبداعك الشعري .       
 لقد حقق عملكِ عن نزارقباني نجاحاً باهراُ , وأحرز أعلى الجوائز والتقدير .مما حفزك لمتابعة كتابة نصوص تلفزيونية .وأهم ما شدّني من انتاجك كتابك الأخير " على ضفاف العبقريات." لقد أردتِه مرفأ أولاً للكلام عن تجارب راهنة وصلت بنجاحها إلى أبعد حدود الإعجاب والتقدير.                                                                           .         

زوجتي ميسون

تعرفت في الصف الرابع في كلية الفتون  على الطالبة ميسون الجزائري وكانت متفوقة تخرجت بدرجة الامتياز وعينت معلمة للفنون ,خطبتها بواسطة خالتي هدية . 


وتزوجنا بتاريخ27 \7\1972وكان شهر العسل في بولونيا . وكانت ملهمتي  وخير مربية لأولادي .سندتها في متابعة انتاجها التشكيلي , فأنجزت عشرات الأعمال التصويرية , وشاركت في المعارض السنوية والدولية ,وأقامت لها وزارة الثقافة معرضاً فردياً في دمشق بحضور وزيرة الثقافة الدكتورة نجاح العطار .

واقتنت المتاحف أعمالها , أهمها لوحة ضخمة معروضة في نصب الجندي المجهول 

اليها أزف هذه الهمسات الدافئة

أيتها الميسون التي  حملت بين جنبيها الربيع والعطر والأمل .
إليك أهدي دفقات من الحب  محمولة على أجنحة العشق الأبدية.

أيتها الفراشة البيضاء الناصعة , هل تذكرين يوماً صنعنا فيه معاً
أنا وأنت
قدراً يمتد بنا حتى ما بعد الدهر؟....

هل تذكرين همسة فاحت من فؤادي يوم وقفت مذهولاً أمام عينيك؟..
 أمام شفتيك ونهديك؟..


هل تذكرين بسمة تفتحت على ثغرك كزهرة الياسمين , يوم رجعت مشرقة
بعد غياب صعب محمولةعلى سحابة خجلى؟..

 تعالي نعيد أحلاماً توالدت مع كل الزمان والمكان
أحلاماً أصبحت عرساً , صارت أسرة ومجداً

على دروب حياتنا ,  تفتحت أجمل لحظات الحب والسعادة.
ما زال العمر المديد يعيش على قطاف ماغرسناه ورعيناه .

أنت وأنا نسيرتحت أفق أخضر , عليه كتبنا الحكاية بحبر واحد
رسمنا الآمال بلون واحد   , ومع الفيروز أنشدنا بصوت واحد

حلمنا معاً وأنجبنا معا  .
قهرنا الأوجاع معاُ  ,  تحدينا الموت معاً

ما زلنا موحدين بالحب , نعب النسيم برئة واحدة
نخفق بقلب واحد ,  نجهد بعزيمة واحدة

ها نحن نشهد أروع الانتصار.  تجاوزت ذريتنا أعلى الذروات.
تجاوزت آفاقنا  .  أصبحت أغلى ثروة  نملكها ..وتملكنا


أيتها الميسون الغنية بالحب

دعيني أرااك   من خلال جميع لحظات العمر
من خلال جميع نبضات القلب

دعيني أطوف معك كل المحيطات والقارات .
وكل المدن والساحات  .  بحثاً عن حنين قديم وبيت مليء بالذكريات .

 على صحائف الزمان تاريخنا.
وعلى الآفاق  تحددت خريطة مراتعنا.
 شعراء الحب يروون قصائدنا.
و العصافيرحولنا تردد أناشيدنا .

بيتنا بيت السلام والياسمين
ما زال ملاذ البنين ,  كعبة العائدين,
جنة الأحفاد اليافعين.
 
هذه قصيدة من تشرين العمر
أنثرها  على أوراق خريف الدهر,

تروي بنداها   ظمأ ربيع لا يغيب .....