Saturday, December 26, 2015

الفصل العاشر; ممارسة فن التصوير والنحت

   منذ حداثة سني استهواني فن  التصوير , و شاركني صديقي رجائي الصفدي بإهدائي حاملة اللوحات وعلب الألوان, واستمرت صداقتي حميمة معه بانقطاع في مغتربه في الدار البيضا في المغرب , وأنجزت عدداً من اللوحات ابتدأتها بصورة ذاتية   ، و عندما مضيت إلى باريس ساعياً للحصول على الدكتوراه في تاريخ الفن، كنت أدرس الرسم والتلوين في معهد اندره لوت و بتوجيهه، إلى جانب متابعتي للمحاضرات التي كانت تلقى في معهد اللوفر أو طالباً في معهد الفن وعلم الآثار التابع لجامعة باريس حيث أتممت دراستي للحصول على درجة الدكتوراه. وشاركت في أكثر المعارض الفنية السنوية ولم أقم معرضاً خاصاً لأن الفن عندي كان هواية لعلها تستوعب تطلعاتي وخيالاتي وأبحاثي التشكيلية.

وإذا كان لي أن أتحدث عن أسلوبي الفني، فلقد كنت شديد الارتباط بالنزعة التعبيرية، وكان إمامي في هذا الاتجاه أعمال الفنان فان غوغ الذي كتبت عنه وترجمت قصة حياته التي كتبها ارفنغ ستون.
ثم انتقلت إلى التجريدية وعرفت لدى النقاد بهذه النزعة، ولكنني اليوم أتجه إلى الحروفية الافتراضية، وفيها سعيت إلى إبراز جمالية الخط وليس مضمون الحرف، وكان لتشكيل الصيغ وقع موسيقى أردت التعبير عن الحركة من خلاله. وما زلت أحتفظ بعدد كبير من أعمالي، أطل عليها لكي أستريح من عناء البحث والتأليف، وسعياً إلى إثارتي لتجديد نشاطي الإبداعي.
وكانت مقالتي النقدية في المجلات السورية واللبنانية بداية لبناء فكر فني عربي .  


أقلاميَ الملونة ... حضنتها  كغانيهْ
راقصتها ..على أديم لوحة متراميه
حاورتها بلهجة العشاق وزن القافيه
خططتها . بلا كساء أوقناع  عاريه
خلقت منها كائناً بلا جسوم    فانيه
أسطورة من الرسوم صغتها بثانيه

لوحات فضائية –من ديوان- أبيات على صفحة الجبين


في مجال النحت لم أخرج عن الواقعية التعبيرية في التماثيل الشخصية التي انتشرت في الحدائق العامة بدمشق، تمثل الأعلام، الجاحظ وابن سينا والفارابي وغيرهم من المعاصرين.

حكايات عمر مع الدكتور عفيف البهنسي فناناً ورائداً للحركة الفنية .
  
أ.ممدوح قشلان،الفنان التشكيلي

" مارس الفن تصويراً ونحتاً وزامل الفنانين وكتب عن نشاطاتهم . وأسس مديرية الفنون ونقابة الفنون .
عندما تزور معرض "إحياء الذاكرة التشكيلية في المتحف الوطني بدمشق، ضمن إطار احتفالية دمشق عاصمة الثقافة العربية 2008" تستوقفك عشرات اللوحات المعروضة.من هذه اللوحات المعروضة ثلاثة لوحات تحمل اسم عفيف البهنسي، وتتميز عن جميع لوحات المعرض فقد كان فناناً منتجاً ومبدعاً زامل الفنانيين الرواد الأوائل، وأصبح أحدهم بل أصبح مسؤولاً عنهم بحكم منصبه المرتبط بالفنون "مديراً للفنون الجميلة , وهكذا وجد نفسه مؤسساً أساسياً ورائداً يقود الحركة الفنية التشكيلية وتطورها.

برز اسم عفيف البهنسي فناناً منتجاً مبدعاً ثم مسؤولاً ناجحاً وإدارياً راعياً للجميع. مارس الفن التشكيلي في مجالاته المختلفة من الرسم والتصوير بأنواعه وألوانه وأعماله في تلك الحقبة موزعة في المتحف الوطني وبعض المؤسسات والمجموعات الخاصة كما مارس النحت المجسم والبارز، وله فيه انتاج غزير جسد عبره أعلام التاريخ (الجاحظ- الفارابي- ابن سينا- ابن النفيس - الكندي- ابن عربي - زكي الأرسوزي- عادلة بيهم- محمد كرد علي- حكمت محسن- زنوبيا ملكة تدمر...الخ) أعماله النحتية هذه تزين المباني والمؤسسات التي تحمل الأسماء المذكورة. كما مارس تصميم الشعارات وله فيها انتاج ذاخر وبصمة ذاتية...

الهواية وليس المهنة
الدكتورعزت السيد أحمد

  " يعترف صاحبي أنه فنان هاوٍ ، مع أنه اشترك في العديد من المعارض, وأقام التماثيل البرونزية في الأماكن العامة بدمشق . إنها هواية لأنه لم يسع إلى الكسب من عمله الفني، ولكنها الممارسة التي تتوازى مع البحث الفني النظري الذي استأثر به. هذا البحث الذي صرفه عن الإبداع الأدبي الذي باشره في شبابه  عندما كتب القصة القصيرة في مجلة الآداب ، وعندما نشر الشعر المنثور في مجلات مختلفة .والشعر المقفى في دواوين ثلاثة.
ويعتقد صاحبي بأهمية الفن كهواية ، فهو رياضة نفسية وتفريغ خيالي ، وتزجية للوقت ، ومتعة بالجمال الفني ، عدا أنه تطبيق للفكر الجمالي إذا كان هذا الفكر شاغل صاحبه وهمه الأول.
  

وأنا أعرف سبباً آخر أبعده عن امتهان الفن ، لم يعلنه هو، استنتجه الآن من بعض مواقفه ، هو ظهور تيارات عبثية عدمية أراد أصحابها أن يفرضوا أنفسهم على الساحة الفنية بحجة الحداثة التي سرت في الغرب؛ أو هو ظهور مدعي الفن الذين فرضوا أنفسهم في المعارض بقوة السلطة ,أو فرضوا أنفسهم على مقاليد النقد والصحاف ولعل هذا السبب كان شديد الوضوح اثر حادثة  لؤي كيالي . وهو فنان مبدع مرهف مثالي ، تعرض لنقد صحفي مغرض ابتزازي ، سبّب له اختلالا عقلياً وهذياناً، فأهمل نار لفافته فاحترق في سريره ومات. حادثة لؤي أثارت لديه شجوناً وأسئلة كثيرة عن دور النقد, وعن أهلية ونزاهة الناقد، وعن أخلاقية الفنان ومثله، وعن الرعاية الحقيقية للإبداع .وكثيراً ما طرح هذه الأسئلة وهو يكتب عن فان غوغ الفنان الهولندي الذي كان ضحية سوء الفهم، مثل لؤي كيالي وغيره، فمات منتحراً دون أن يكسب من الدنيا  بنساً واحداً. مع أن لوحة واحدة له بيعت مؤخراً بملايين الدولارات "


عفيف البهنسي في ندوة كاتب وموقف

لم تكن استضافة الباحث والمفكر والمؤرخ والفنان الدكتور عفيف البهنسي مؤخراً في ندوة "كاتب وموقف" التي اعتاد أن يقيمها شهرياً الإعلامي عبدالرحمن الحلبي في مركز ثقافي أبو رمانة بدمشق، إلا تكريماً متواضعاً لهذه الشخصية السورية المبدعة في حياتنا التي أعطت ومازالت تعطي الكثير، وإن بدت واضحة بشكل مسبق صعوبة اختصار مسيرة هذه الشخصية البارزة التي تركت بصماتها في مجالات مختلفة في حياتنا الثقافية والفنية، وقد وصِف البهنسي بالرجل الموسوعي، وبالعلامة بعد أن أغنى المكتبة العربية والعالمية، (خُمس إنتاجاته باللغة الأجنبية). 

 وقد بيّن الدكتور عفيف البهنسي أنه قضى عمره في البحث، وأن هذا العمر لم يكن شاقاً، بل كان ممتعاً بالنسبة له، وقد وجد نفسه حليفاً للقلم، وللّون، والريشة، والعمل البنائي والفكري، وبالتالي فإن كل ما قدمه في مسيرته ما هو إلا خلاصة هذا العمر، وهو سعيد بهذه المسيرة، لأنه لم يقصّر يوماً، وقد أعطى الكثير في مجال المعرفة التي يحتاجها القارئ.


ولأن العمارة شكلت هاجساً فنياً وفكرياً في المسار البحثي لديه، وهو الذي نشر دراسات وأصدر كتابات عدة عنها، أحدثها كتاب "العمارة العربية بين الاستشراق والعالمية"، بدأ البهنسي كلامه عن فن العمارة، فبيّن أن العمارة العربية تقوم على مقياس إنساني، أي تراعي مصلحة الإنسان الذي يسكنها، فشيء مدهش ـ برأيه ـ أن نرى العمارة العربية تعتمد بالدرجة الأولى على مادة الطين، بعد أن وجد المعمار أن هذه المادة أكثر تلبية لراحة الإنسان، فهي ذات مناعة كبيرة للحَرِّ والبرد، وهي مادة رخيصة، موجودة في كل مكان، ولا تحتاج إلا إلى تحضير بسيط، كما رأى أن العمارة هي الوعاء الأساسي الذي يستوعب كل الفنون، وهو الوعاء الأساسي الذي نبدأ به تعريف الوطن، فالبيت هو الوطن، ولأنه كذلك بدأ العمارة من بيته الذي احتضنته دمشق، وهو سليل أسرة عاشت فيها ما يقرب من ألف عام، وأشار البهنسي إلى أنه يكبر بهذه المدينة التي اعتادت أن تفتح أبوابها للجميع، فتتلقى دائماً همومهم لكي تمارس معهم الحياة على أكمل وجه، من هنا وجد أن دمشق ليست مجرد عاصمة لسوريا، وقد كانت في نطاق تاريخنا الطويل رمز الحضارة وبداية التاريخ، ولهذا فإن كل من في رحابها يستحق أن يتشرف بها، وأوضح أنه أراد من كل ما أنجزه في مجال العمارة التي عني بها بشكل خاص، وأصدر عنها كتباً مختلفة، أن يعرّف الإنسان أن العمارة ليست جدراناً وأبواباً ونوافذ، بل هي وعاء للسعادة، لأن البيت هو فردوس صاحبه، وأنه كمعماري كان من واجبه أن يتحدث عن مزايا البيت الدمشقي التقليدي الذي يتعرض اليوم لظروف صعبة، ومن هنا كان من ضمن أولوياته عندما تولّى مديرية الآثار والمتاحف أن يعنى بكل بيت في سوريا، وأن يبيّن إلى أي مدى تُنتَهَك هذه البيوت، ولذلك سعى إلى حمايتها، واقتناء عدد كبير منها، ولهذا جدد البهنسي دعوته للدولة من أجل اقتناء وشراء هذه البيوت، وقد وجد من خلال تجربته أنها الطريقة الأفضل لحمايتها، لأن أصحابها غالباً لا يعرفون قيمتها، وأن غرفة من غرفها موجودة في متاحف نيويورك وبرلين وبرشلونة.

الألوان هي الأهم                            

وعن شغفه بالرسم الذي بدأ بممارسته بشكل فعلي في عام 1950، وقد كان هناك تلازم بين كتابته عن الفن 

وممارسته له، أشار الدكتور البهنسي إلى أنه كان وما زال هاوياً له وللفن التشكيلي بشكل عام، مبيناً أنه تعلم على يد أستاذه ميشيل كرشة، وقد كان يقضي وقته في الكتابة عن الفنانين، وأدهشه فان غوغ الذي تأثر به كثيراً، لدرجة أنه رسم لوحات مأخوذة من لوحاته في مرحلة من المراحل، وليترجم له كتاباً عن حياته فيما بعد، كما أوضح الدكتور البهنسي أنه بدأ فناناً واقعياً، ومن ثم اتجه باتجاهات أخرى أكثر تعبيرية والتصاقاً بالمشاعر، معترفاً أنه حاول دائماً البحث عن المطلق في بعض أعماله، وقد مارس التجريد في بعض لوحاته انطلاقاً من قناعته أن الفن التجريدي بمفهومه مرتبط بالمطلق، مشيراً إلى أن الفن التجريدي المختلف عن مفهومه الشخصي له، والذي تعرض لحملة شديدة، وصل إلى نقطة الصفر بعد الاستهتار الذي تعرّض له من قبل الفنانين الذين مارسوا هذا النوع من الفن، وبالعموم رأى الدكتور البهنسي أن الألوان في اللوحة هي الأهم وليس الموضوع، وأن اللوحات التي تباع اليوم بالملايين تُقدَّر قيمتها بالدرجة الأولى بمقدار توازن الألوان فيها، موضحاً أن ممارسة العمل الفني في مرحلة من المراحل كانت مشكلة من المشاكل، لأن الفن التشكيلي قبل قرن واحد لم يكن موجوداً، وقد جاء إلى بلادنا، فتأسست الكليات في القاهرة والجزائر ودمشق لكي تقدم لنا فناً لم نكن نعرفه، فوجدنا أنفسنا أتباع اتجاهات فنية معاصرة، مبيناً أن الفنانين تراكضوا لاتّباع المدرسة الانطباعية والسوريالية، لنجد أنفسنا بعيدين عن جذورنا الفنية، ولهذا كان همّ الدكتور البهنسي في كلّ كتاباته أن يوضح ماذا يعني الفن العربي، مشيراً إلى أنه لم يكن عبارة عن زخرفة أو متعة، وإنما كان عملاً مطلقاً متصلاً بفكر عربي، وقد بين أنه عندما يكتب في جمالية الفن العربي إنما يكتب في الفكر العربي انطلاقاً من إيمانه بالعلاقة الوشيجة بين الفكر والفن العربي، مؤكداً أنه من خلال الفن العربي عرف الفكر العربي، وقد بيّن ذلك في كتاباته الكثيرة كما في كتابه "جمالية الفن العربي" الذي قدم فيه قبل عشرين عاماً لمحة عن: ماذا يعني الفن العربي الإسلامي  


ولأن الدكتور البهنسي كان مؤمناً بأن كل إنسان شاعر، ولكن قد لا ينظم الشعر، إلا أنه نظمه وأصدر عدة مجموعات، وهذا لا يعني أنه أصبح شاعراً، موضحاً أنه كتب الشعر ليعبّر عما يشعر به، ولذلك لم يترك حالة
من الحالات الوجدانية إلا وعبّر عنها شعراً لإيمانه أن الشعر ليس محاكمة عقلية ولفظية، وإنما هو تعبير عن مشاعر، وهذا ما فعله كبار الشعراء برأيه.


تشكيليون يكرمون عفيف البهنسي

جريدة الثورة –ثقافة             
الأربعاء 3/12/ 2008 م          
أديب مخزوم

في إطار التظاهرة التكريمية الحالية التي يحاط بها الباحث الدكتور عفيف البهنسي في صالة (فري هاند) في دمشق ويشارك فيها مجموعة من الفنانين التشكيليين بعرض مختارات من أعمالهم إلى جانب لوحات من تجارب المحتفى به,
يتم توزيع كتابين, الأول يحمل العنوان التالي: عفيف البهنسي -وقائع الندوة التكريمية التي أقامتها وزارة الثقافة, والثاني يتصدره عنوان: عفيف البهنسي والجمالية العربية- دراسة وحوار.‏
في هذا المعرض التكريمي يتعرف الزائر على بعض تجارب د. عفيف البهنسي في مجال صياغة اللوحة الفنية التشكيلية التي يختصر من خلالها أحياناً وبحركات لونية التفافية وحلزونية بعض عناصر الطبيعة والأشكال الصامتة, فعناصر اللوحة في تنويعاتها وإيقاعاتها المتعددة تتولد من مؤثرات الانفتاح على المعطيات الثقافية القادمة من تأملات أعمال تيار فناني ما بعد الانطباعية الفرنسية, حيث يتجه في الغالب لتقديم إيقاعية تشكيلية حديثة مستمدة من حركة عناصر الطبيعة ولا سيما الشجرة بفروعها العارية التي يصوغها بألوان عفوية وسائلة أحياناً تصل حدود البياض اللوني, رغم أنه يحافظ في لوحات أخرى على المناخ التشكيلي الأكثر عقلانية وتنظيماً للانفعالات الداخلية والذي يتبلور في حدود الصياغة التعبيرية.‏

No comments:

Post a Comment

Note: Only a member of this blog may post a comment.